نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٤

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٤

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٢

على مجرد التجريد فى طرف الجزاء عن الخصوصية الملازمة معه مع حفظ بقية الخصوصيات حتى (١) فى صورة امكان التفكيك بين انحاء الخصوصيات فالامر ظاهر واما مع عدم التفكيك (٢) فلا شبهة فى ان الاهمال (٣) فى سائر الخصوصيات يلازم الاهمال فى طرف الشرط ايضا كما ان التجريد من طرف الشرط (٤) يلازم التجريد فى الجهات الملازمة ايضا مثلا (٥)

______________________________________________________

(١) حتى زائده.

(٢) عند التلازم بين الخصوصيات فعلى وجوه.

(٣) فتارة مهمل من ناحية سائر الخصوصيات فيلازم الاهمال من ناحية الشرط ايضا فلا مفهوم له اصلا وذلك فان القرينة الحافة بالكلام الموجب للاهمال والاجمال لسائر الخصوصيات من الحصر والوصف والغاية يسرى الى الشرط ايضا فيوجب اهماله واجماله فلا اطلاق للحكم ح معلقا على الشرط وذلك للتلازم بينهما اى الشرط وسائر الجهات.

(٤) واخرى يكون الشرط دالا على المفهوم وله الاطلاق وطبيعى الحكم معلقا على الشرط وقد جرد المحمول عن الخصوصية فلا محالة يوجب التجريد فى سائر الجهات ايضا للتلازم بينهما قال استادنا الآملى فى المنتهى ص ١٩٨ واما اذا كان الوصف والشرط متلازمين فالظاهر هو ثبوت المفهوم من حيث الشرط وان لم يكن للوصف مفهوم لان الوصف لا اقتضاء له من حيث دلالته على المفهوم والشرط ذو اقتضاء فلا تزاحم بينهما فى الدلالة على الثبوت والانتفاء ليوجب ذلك الاجمال او الرجوع الى المرجحات.

(٥) وثالثا فى فرض التعارض وهو اهمال سائر الخصوصيات يسرى الى ـ

٤١

لو قال ان وجد زيد يجب اكرامه (١) ففى مثل هذا المقام التجريد من ناحية الشرط الذى هو وجود زيد ملازم للتجريد عن ناحية موضوعه وهو زيد (٢) كما ان الاهمال من حيث زيد موجب للاهمال من حيث وجوده وشرطه (٣)

______________________________________________________

ـ الشرط ويغلب عليه او اطلاق الشرط يغلب على اهمال سائر الخصوصيات قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٩٨ واما اذا كان الموضوع نفس الشرط او ملازما له كما اذا كان الشرط محققا للموضوع مثل قولهم اذا ركب الامير فخذ ركابه او اذا رزقت ولدا فاختنه.

(١) اى فى بيان تحقق الموضوع ايضا ان وجد زيد يجب اكرامه ففيه احتمالين الاحتمال الاول.

(٢) فقد يقال بثبوت المفهوم فى مثله وان كان ذلك من سنخ مفهوم اللقب والسر فيه هو ان موضوع الحكم فى مثل القضية المذكور نفس الشرط المعلق عليه فيكون بملاحظة كونه موضوعا للحكم بلا اقتضاء بالنسبة الى المفهوم كما هو الشأن فى سنخ مفهوم اللقب وبملاحظة كونه شرطا معلقا عليه الحكم يكون ذا اقتضاء ولا ريب فى ان اللااقتضاء لا يعارض ولا يزاحم ذا الاقتضاء فى مقتضاه ونتيجة ذلك هو ثبوت مفهوم الشرط الملازم لمفهوم اللقب وهذا التقريب انما يتم حيث تنحصر فائدة تعليق الحكم على وجود موضوعه فى افادة كون الحكم المزبور مختصا بالموضوع المذكور فى القضية.

(٣) اى الاحتمال الثانى وهو الاهمال من حيث الموضوع وهو زيد يكون اهمالا من حيث وجوده وشرطه فلا محالة لا يثبت له المفهوم ـ واما اذا لم تنحصر فائدة تعليق الحكم على وجود موضوعه فى افادة الاختصاص المزبور بل جاز أن يكون ـ

٤٢

ففى هذه الصورة ربما يمنع (٣) البحث بعد الفراغ عن جهة مفهوم الشرط (١) فى ان الترجيح فى ظهور القضية فى الاهمال من ناحية الموضوع فلازمه الغاء ظهور التجريد فى طرف الشرط فيحكم بعدم المفهوم بل كانت القضية مسوقة لبيان الموضوع (٢) او الترجيح (٣) فى ظهور الشرط فى التجريد ولازمه التجريد عن خصوصية الموضوع ايضا كى يصير مفهوم الشرط فى المقام مساوق مفهوم اللقب والى الجهتين (٤) نظر العلمين فى مفهوم آية النبأ فذهب شيخنا العلامة اعلى الله مقامه الى الجهة الاولى وجعل المقام من باب سوق القضية لبيان وجود الموضوع (٥)

______________________________________________________

ـ تعليق الحكم لافادة ان هذا الحكم يدور ثبوته فى الخارج مدار ثبوت موضوعه فى اى فرد من افراده بنحو القضية الحقيقية فيصح ان يقال لإفادة هذا المعنى بمثل قولنا اذا ركب الأمير فخذ ركابه.

(٣) لعل الصحيح ـ يقع ـ.

(١) اى يقع التنافي بين مفهوم الشرط الظاهر فى التجريد عن القيد فيكون طبيعى الحكم معلقا على الشرط وبين عدم تجريد خصوصية الموضوع الموجب لاهمال الشرط.

(٢) اى تكون القضية على فرض اهمال الشرط لبيان تحقق الموضوع كان رزقت ولدا فاختنه.

(٣) اى التجريد عن الخصوصية وثبوت تعليق طبيعى الحكم عند تحقق الشرط ولازمه التجريد عن خصوصية الموضوع ايضا كما تقدم.

(٤) وهى الاحتمالين المتقدمين.

(٥) فجعل شيخنا الاعظم الانصارى من باب كون القضية فى بيان تحقق ـ

٤٣

ونظر استادنا العلامة الى الجهة الثانية (١) فالتزمه فى مثله بان مفهومه مساوق مفهوم اللقب وح امكن دعوى (٢) ان اهمال القضية من حيث الاضافة الى الموضوع انما هو مستند الى طبع القضايا فلا اقتضاء فيها

______________________________________________________

ـ الموضوع فى آية النبأ ولا مفهوم له قال فى الرسائل ج ١ ص ١٠٧ واما المجوزون فقد استدلوا على حجيته بالادلة الاربعة اما الكتاب فقد ذكروا منها آيات ادعوا دلالتها منها قوله تعالى فى سورة الحجرات (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) والمحكى فى وجه الاستدلال بها وجهان احدهما انه سبحانه علق وجوب التبين على مجيء الفاسق فينتفى عند انتفائه عملا بمفهوم الشرط واذ لم يجب التبين عند مجيء غير الفاسق فإما ان يجب القبول وهو المطلوب او الرد وهو باطل لانه يقتضى كون العادل أسوأ حالا من الفاسق وفساده بيّن الثانى ـ الى ان قال ص ١٠٩ ففيه ان مفهوم الشرط عدم مجىء الفاسق بالنبإ وعدم التبين هنا لاجل عدم ما يتبين فالجملة الشرطية هنا مسوقة لبيان تحقق الموضوع كما فى قول القائل ان رزقت ولدا فاختنه وان ركب زيد فخذ ركابه ـ الى ان قال فالمفهوم فى الآية وامثالها ليس قابلا لغير السالبة بانتفاء الموضوع الى آخر كلامه.

(١) قال صاحب الكفاية ج ٢ ص ٨٣ ويمكن تقريب الاستدلال بها من وجوه اظهرها انه من جهة مفهوم الشرط وان تعليق الحكم بايجاب التبين عن النبأ الذى جيء به على كون الجائى به الفاسق يقتضى انتفائه ـ اى الحكم ـ عند انتفائه ـ اى الجائى به الفاسق بل الجائى به العادل ـ ولا يخفى انه على هذا التقرير لا يرد ان الشرط فى القضية لبيان تحقق الموضوع فلا مفهوم له او مفهومه السالبة بانتفاء الموضوع.

(٢) تقدم ان الموضوع لا اقتضاء له بالنسبة الى التجريد من الخصوصية والشرط ـ

٤٤

للتجريد وح فلو كان في البين مقتضى خارجى له فظهور القضية في الاهمال الناشى عن عدم الاقتضاء لا يزاحم ما فيه اقتضاء التجريد ، وحينئذ فالتحقيق ما ذهب اليه استادنا الاعظم لو لا دعوى ان الغالب من امثال هذه القضايا سوقها لبيان وجود الموضوع فقط لا ان لها مفهوما ويكون من باب السالبة بانتفاء الموضوع كما لا يخفى (١) بقى فى المقام فذلكة اخرى (٢) وهو انه لو كان الجزاء فى القضية ينحصر مورده بصورة وجود الشرط بمعنى ملازمة حكمه مع الشرط لا موضوعه (٣) عكس (٤)

______________________________________________________

ـ له الاقتضاء فيغلب على ذلك ويثبت له المفهوم لكن مع ذلك يناقش فيه ويقول التحقيق خلافه من كون الغلبة على كونها فى بيان تحقق الموضوع.

(١) قال استادنا الآملى فى المنتهى ص ١٩٩ والظاهر ان الذى يفهمه العرف من مثل هذه القضية هو هذا المعنى فلا يصح القول بالمفهوم فى مثل هذه القضايا استنادا الى الاحتمال الاول فى فائدة التعليق لعدم ظهور القضية المذكورة فيه بل الاحتمال الثانى هو الراجح لظهورها فيه عند العرف. لكن فيه ان الانصاف ظهورها عرفا فى المفهوم لا يمكن انكاره لا انه فى بيان تحقق الموضوع وتكون السالبة بانتفاء الموضوع بل مفهومه ان كان الجائى به غير الفاسق لا يجب التبين والموضوع هو البناء كما هو واضح.

(٢) الفرض الرابع قال استادنا الآملي فى المنتهى ص ١٩٩ ثم انه قد تكون بين الحكم والشرط الذى علق عليه ملازمة فى الثبوت والانتفاء.

(٣) كالحكم الظاهرى مع موضوعه اعنى به الجهل بالحكم.

(٤) اى الحكم يلازم الشرط كالحكم الظاهرى مع الجهل بالحكم الواقعى عكس الفرض السابق يلازم الموضوع وهو زيد مع الوجود وهو الشرط.

٤٥

الفرض السابق ولازمه (١) ايضا امكان التجريد (٢) عن الشرط مع عدم التجريد عن موضوعه (٣) غاية الامر التجريد عن الشرط يقتضى حصر الطبيعى بفرده المنوط بشرطه (٤) وهو ايضا مساوق اهماله من هذه الجهة (٥) كما لو قال ان جهلت بحرمة شيء فهو حلال لك (٦) ففى هذه الصورة قد يبقى الكلام (٧) فى ان المدار فى اتحاد المفهوم على مجرد

______________________________________________________

(١) اى يجرى فيه الاحتمالين السابقين.

(٢) اى امكان تجريد الحكم عن القيد والشرط ويكون طبيعى الحكم وهو الحلية معلقا على الشرط ويكون ذو اقتضاء.

(٣) اى عدم امكان تجريد الحكم عن موضوعه اى الحكم الظاهرى عن الجهل بالحكم الواقعى فان الموضوع الجهل بالحكم او بالحرمة.

(٤) اى هذا المورد يختلف مع سائر الموارد ففى سائر الموارد يمكن ان يتعلق وجوب الاكرام لزيد عند عدم المجىء فى المثال المعروف لامكان وجود فرد آخر من الحكم ولكن فى المقام بما ان الحكم ملازم للشرط فليس للحكم فرد آخر يحتمل ان يقوم مقامه فينحصر طبيعى الحكم بفرد واحد.

(٥) اى يساوق الاهمال الجزئية والفرد فيكون بمنزلة الحكم الشخصى معلقا على الشرط فيكون خارجا عن المفهوم.

(٦) فالظاهر انه لا مفهوم لمثل قوله ان جهلت حكم شيء أو لم تعلم بحكمه فهو لك حلال اذا لحلية الظاهرية ملازمة للجهل بالحكم الواقعى وانتفاء الحكم بانتفاء موضوعه ضرورى والحلية الظاهرية ليس لها فرد آخر يمكن تحققه فى غير مورد تحقق شرطها اعنى به الجهل بالحكم الواقعى ليدل التعليق على انتفاء طبيعة الحكم المعلق بجميع افراده عند انتفاء الشرط المعلق عليه لتكون تلك الدلالة مفهومية.

(٧) لكن يظهر من المحقق الماتن ثبوت المفهوم له ولا يلزم ان يكون انتفاء ـ

٤٦

امكان التجريد عن الشرط (١) وان لم يكن له فرد آخر فى غير مورده كى يطلق المفهوم المصطلح على مثله او المدار على التجريد في مورد امكان فرد آخر له كى لا يدخل ذلك فى المفهوم المصطلح (٢) لا يبعد (٣) فى المقام ايضا بالالتزام بكفاية امكان مجرد التجريد المزبور فى المفهوم وان لم يفد فائدة وكان هذا التجريد بمثابة الاهمال كما لا يخفى ، ثم (٤) ان المفهوم بعد ما كان من المداليل الالتزامية البينة (٥)

______________________________________________________

ـ طبيعى الحكم معلقا على الشرط ان يكون له فرد آخر.

(١) والاصل فى ذلك يبتنى على ان المفهوم المصطلح هو تعليق طبيعى الحكم على الشرط من دون النظر الى ان الحكم يمكن له وجود فرد آخر ام لا فى غير مورد الحكم.

(٢) او ان المفهوم المصطلح كما هو الغالب من تعليق سنخ الحكم على الشرط فى مورد امكان فرد حكم آخر على هذا الموضوع بحيث لو كان الحكم مهملا يمكن ان تقوم علة اخرى مقام هذه العلة ويثبت الحكم له.

(٣) لم يستبعد محقق الماتن كفاية الغاء خصوصية القيد وتعليق سنخ الحكم ولو لم يكن له اثر لانه بمنزلة تعليق شخص الحكم وبقوة الجزئية لانه ايضا نوع من المفهوم ولعل الوجه فى ذلك ان اخذ المفهوم لا نظر له الى وجود فرد آخر فى الخارج بل العبرة يكون طبيعى الحكم معلقا على الشرط وهو حاصل.

(٤) الجهة السابعة قال استادنا الآملى ص ١٩٩ هل يمكن تخصيص نفس المفهوم او تقييده مع بقاء المنطوق على عمومه او اطلاقه او لا يمكن ذلك بل لا بد من التصرف فى نفس المنطوق بالتخصيص او التقييد حيث يقصد تخصيص المفهوم او تقييده الحق هو الثانى.

(٥) لما عرفت من ان المفهوم هو دلالة المنطوق بالالتزام البين على معنى آخر ـ

٤٧

لا شبهة فى كونها من اللوازم العقلية ويحسب من الاحكام العقلية الغير المستقلة (١) ولازمه استحالة ورود تخصيص او تقييد عليه مستقلا بلا تصرف فى منطوقه (٢) لانه ح من توابع المنطوق اطلاقا وتقييدا (٣) وعليه فلو أريد فى البين تخصيص المفهوم او تقييده بحال لا محيص ح من التقييد فى منطوقه او تخصيصه ليس الّا (٤) وحيث اتضح لك مثل هذه الجهات (٥) يبقى الكلام فى البحث عن كل واحد من المفاهيم بخصوصيتها فى

______________________________________________________

ـ غير ما دل عليه.

(١) فيكون المفهوم دلالة عقلية غير مستقلة.

(٢) اى على ذلك لا يمكن ان يكون التصرف فى المفهوم من دون تصرف فى المنطوق.

(٣) فلا محالة يكون ظل المنطوق وتابعا له فى جميع خصوصياته بنحو لا يمكن ان ينفرد بخصوصية لا يشتمل منطوقه عليها.

(٤) وعلى ذلك فلو اردنا تخصيص المفهوم بمورد وحال لا بد وان يخصص المنطوق.

(٥) اذا تبين لك معنى المفهوم الكلى وما يكون به ثبوته فلا بد ح من البحث عن تعيين صغريات كبرى المفهوم المذكور والبحث عن كل مفهوم خاص يكون فى نموذج مستقل يخصه وسيجيء إن شاء الله تعالى.

الجهة الثامنة ذكر المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٧٤ نعم قد يقع الاشكال فى اصل تصور الحكم السنخى واستفادته من القضايا وتنقيح المرام فى ذلك هو ان الحكم المنشأ فى القضايا الشرطية او غيرها اما ان يكون بمادة الوجوب كقوله ان جاء زيد يجب اكرامه واما ان يكون بصيغة الوجوب فعلى الاول لا ينبغى ـ

٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الاشكال فى امكان تصور الحكم السنخى بل واستفادته من تلك القضايا ، واما الاشكال عليه بان الحكم المنشأ بهذا الانشاء الخاص ح انما كان حكما شخصيا حقيقتا ومن خصوصياته حصوله وتحققه بهذا الانشاء الخاص وتعلقه بالشرط الخاص وعليه فلا يتصور جهة سنخية للحكم حتى يكون من حيث السنخ معلقا على الشرط او الوصف فيلزمه انتفاء الحكم السنخى عند الانتفاء فمندفع بان مثل هذه الخصوصيات بعد ما كان نشوها من قبل الاستعمال المتأخر عن المعنى والمنشأ فلا جرم غير موجب لخصوصية المعنى المنشأ وعليه فكان المعنى المنشأ ح معنى كليا وقد علق على الشرط او الوصف وكانت الخصوصيات الناشئة من قبل الاستعمال من لوازم وجوده لا أنها تكون مأخوذة فيه يصير المعنى لاجلها جزئيا كما هو واضح ، واما على الثاني فقد يشكل فى اصل استفادة الحكم السنخى من الهيئة ومنشؤه هو الاشكال المعروف فى الحروف والهيئات من حيث خصوص الموضوع له فيها بتقريب ان الحروف وكذا الهيئات لما كانت غير مستقلة بالمفهومية لكون معانيها من سنخ النسب والارتباطات الذهنية المتقومة بالطرفين فلا محالة كانت جزئية وغير قابلة للاطلاق الفردى والصدق على الكثيرين ومعه فلا يتصور الحكم السنخى فى مفاد الهيئة فى الصيغة حتى يعلق على الشرط او الوصف فيترتب عليه الحكم بانتفاء السنخ عند الانتفاء. بل ومن ذلك قد يشكل ايضا فى صحة اصل الاناطة والتعليق وارجاع القيد فى القضايا الطلبية الى الهيئة فى نحو قوله ان جاء زيد فاكرمه بدعوى ان صحة اصل الاناطة والتقييد فرع امكان اطلاق الهيئة ومع فرض خصوصية المعنى فى الحروف والهيئات يستحيل التقييد ايضا فمن ذلك لا بد من ارجاع تلك القيود في نحو هذه القضايا الى المادة هذا ، ولكن الاشكال ـ

٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الثانى كما ترى واضح الدفع ولو على القول بخصوص الموضوع له فى الحروف والهيئات وذلك من جهة وضوح ان المقصود من خصوص الموضوع له وجزئية المعنى فى الحروف والهيئات انما هو جزئيته باعتبار الخصوصيات الذاتية التى بها امتياز افراد نوع واحد بعضها من بعض لا مطلقا حتى بالقياس الى الحالات والخصوصيات الطارية عليه من اضافته الى مثل المجيء والقيام والقعود فكان المراد من عدم كلية المعنى فى الحروف هو عدم كليته من جهة الافراد وانها موضوعة لاشخاص الارتباطات الذهنية المتقومة بالمفهومين وكونه من قبيل المتكثر المعنى ومن المعلوم بداهة ان عدم كلية. المعنى فى الحروف والهيئات وجزئية الموضوع له فيها من هذه الجهة غير مناف مع اطلاقه بحسب الحالات وعليه فكما ان للمتكلم ايقاع النسبة الارسالية فى استعمال الهيئة مطلقة وغير منوطة بشيء من مثل المجيء وغيره بقوله اكرم زيدا كذلك كان له ايقاعها من الاول منوطة بالمجيء ونحوه بقوله ان جاء زيد فاكرمه ومن ذلك ايضا اوردنا على الشيخ قدس‌سره فى مبحث الواجب المشروط وقلنا بان مجرد خصوصية الموضوع له فى الحروف والهيئات لا يقتضى تعين ارجاع القيود الواقعة فى القضايا الشرطية الى المادة وصرفها عما تقتضيه القواعد العربية من الرجوع الى الهيئات نعم انما كان لهذا الاشكال مجال بناء على مسلك آلية معانى الحروف وجعل الفارق بينهما وبين الاسماء من جهة اللحاظ من حيث الآلية والاستقلالية كما افاده فى الكفاية حيث ان لازم آلية المعنى فيهما ح هو كونه غير ملتفت اليه عند الاستعمال من جهة كونه ملحوظا باللحاظ العبورى المرآتى ولازم ذلك لا محاله هو امتناع التقييد رأسا بلحاظ ان صحة التقييد فرع الالتفات الى المعنى فمع فرض عدم الالتفات اليه عند الاستعمال فلا جرم يمتنع ـ

٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ تقييده ايضا ولكن عمدة الاشكال على ذلك فى اصل هذا المبنى لما ذكرنا فساده فى محله وقلنا بان معانى الحروف وكذا الهيئات انما هى من سنخ الارتباطات الذهنية المقومة بالطرفين وان الفرق بينها وبين الاسماء انما هو من جهة ذات المعنى والملحوظ لا من جهة كيفية اللحاظ فقط وعليه فلا مجال لهذا الاشكال من هذه الجهة ايضا كما هو واضح. ولو ان صاحب الكفاية اجاب عنه ج ١ ص ١٥٤ بقوله فلحاظ الآلية كلحاظ الاستقلالية ليس من طوارى المعنى بل من مشخصات الاستعمال والنهى والطلب المفاد من الهيئة المستعملة فيه مطلق قابل لان يقيد مع انه لو سلم انه فرد فانما يمنع عن التقييد لو أنشأ اولا غير مقيد لا ما اذا أنشأ من الاول مقيدا غاية الامر قد دل عليه بدالين وهو غير إنشائه اوّلا ثم تقييده ثانيا. وذكر استادنا الآملى فى المجمع ج ٢ ص ١٠٧ بان المعانى الحرفية مغفولة ايضا يكون جوابه فى محله وحاصله ان النسبة بين الموضوع والمحمول والحكم تكون متصورة وتكون الالتفات اليها وغير مغفولة فلا اشكال فى مفهوم الشرط من هذه الجهة ويمكن تقريب الاستدلال بوجه آخر وهو يقال ان المتكلم الذى يكون بصدد بيان المراد اذا انحرف عما يصح السكوت عليه من الكلام يكون له غرض فى زيادة القيد والشرط فيكون لكلامه المفهوم ولا يغفل عن ذلك. قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٤٧٦ وح يبقى الاشكال الأول فى اصل استفادة الحكم السنخى بل وتصوره ثبوتا بملاحظة جزئية الموضوع له فى الحروف والهيئات. فاجاب عنه فى الكفاية ج ١ ص ٣١٠ ولكنك غفلت عن ان المعلق على الشرط انما هو نفس الوجوب الذى هو مفاد الصيغة ومعناها واما الشخص والخصوصية الناشئة من قبل استعمالها فيه لا يكاد يكون من خصوصيات معناها المستعملة فيه ـ وقد ـ

٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ عرفت بما حققناه فى معنى الحرف وشبهه ان ما استعمل فيه الحرف عام كالموضوع له وان خصوصية لحاظه بنحو الآلية والحالية لغيره من خصوصية الاستعمال كما ان خصوصية لحاظ المعنى بنحو الاستقلال فى الاسم كذلك فيكون اللحاظ الآلي كالاستقلالى من خصوصيات الاستعمال لا المستعمل فيه. وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٧٦ وفي ذلك نقول بانا وان اجبنا عن ذلك سابقا بكلية المعنى فيها من جهة ما تصورناه فى مبحث الحروف من القسم الآخر من عموم الوضع والموضوع له فى الحروف غير عام الوضع والموضوع له المشهورى ولكن التامل التام فيه يقتضى عدم اجداء هذا النحو من الكلية لدفع هذا الاشكال والوجه فيه هو ان ذلك المعنى العام والقدر المشترك الذى تصورناه لما لا يمكن تصوره واحضاره فى الذهن الا فى ضمن احدى الخصوصيات فلا جرم لا يكاد يمكن ان يوجد فى ذهن المتكلم عند استعمالها بمثل قوله الماء فى الكوز أو زيد على السطح وسرت من البصرة الى الكوفة الّا اشخاص النسب الخاصة والارتباطات المخصوصة كما هو ذلك على القول بخصوص الموضوع له فيه ايضا وفى مثله يتوجه الاشكال المزبور بان الموجود فى ذهن المتكلم عند استعمال الهيئة بقوله اكرم زيدا ان جاءك بعد ان لم يكن الّا شخص نسبة وربط خاص قائم بالطرفين فلا جرم لا يتصور له الاطلاق الفردى حتى يتصور فيه السنخ فيكون هو المعلق على الشرط او الوصف المذكور فى القضية فينتج الانتفاء عند الانتفاء وح فهذا النحو من عموم الوضع والموضوع له فى الحروف غير مجد لدفع الاشكال فى المقام لانه بحسب النتيجة كالقول بخصوص الموضوع له فيها فعلى ذلك فلا بد من التصدى لدفعه بوجه آخر غير ذلك فنقول ان قصارى ما يمكن ان يقال فى دفع ـ

٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الاشكال وجهان احدهما ما افاده الاستاد دام ظله فى الدورة السابقة وحاصله هو ان دلالة الهيئة على الطلب فى قوله افعل بعد ما كانت بالملازمة من جهة كونه اى الطلب ملزوما للنسبة الارسالية التى هى مدلول الهيئة لا مدلولا لها بالمطابقة كما هو مختار الكفاية وكان المهم ايضا اثبات السنخ والاطلاق فى طرف الحكم والطلب فلا بأس ح بلحاظ الاطلاق التقييد بالنسبة الى ذلك الطلب الملازم مع الارسال ولو على القول بخصوص الموضوع له فى الحروف والهيئات من جهة انه لا ملازمة بين خصوصية المدلول فى الهيئة مع خصوصية ما يلازمه فامكن ان يكون المدلول فى الهيئة جزئيا وخاصا ومع ذلك يكون ملزومه وهو الطلب كليا وح فاذا كان المهم فى المقام هو اثبات السنخ فى طرف الحكم والطلب فامكن اثبات السنخ غير طريق الهيئة ولو بمثل الاطلاق المقامى ونحوه الوجه الثانى ما افاده اخيرا وتقريبه انما هو بدعوى ان مفاد الحروف وكذا الهيئات وان كان جزئيا لكونها عبارة عن اشخاص الارتباطات الذهنية المخصوصة المتقومة بالطرفين الّا أنها تبعا لكلية طرفيها او احد طرفيها قابلة للاتصاف بالكلية كما فى قولك الانسان على السطح والماء فى الكوز والسير من البصرة الى الكوفة فى قبال قولك زيد على السطح وهذا الماء فى هذا الكوز وسرت من النقطة الكذائية من البصرة الى النقطة الكذائية من الكوفة فان السير وكذا البصرة فى قولك السير من البصرة لما كان كليا وقابلا للانطباق فى الخارج على الكثيرين كالسيرة من اول البصرة ووسطها وآخرها فقهرا نبعا لكلية هذين المفهومين تتصف تلك الاضافة والربط الواقع بينهما ايضا بالكلية وهكذا فى قولك الانسان على السطح او الماء فى الكوز حيث انه تبعا لكلية الطرفين تتصف تلك الاضافة والربط الواقع بينهما ايضا بالكلية وهكذا فى قولك الانسان على ـ

٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ السطح او الماء فى الكوز حيث انه تبعا لكلية الطرفين تتصف تلك النسبة والربط والاستعلائية او الظرفية بالكلية فينحل الى الروابط المتعددة فيصدق فى الخارج على زيد الكائن على السطح وعلى عمر والكائن على السطح وهكذا ولا نعنى من كلية المعنى الّا كونه قابلا للانطباق فى الخارج على الكثيرين ويقابله قولك زيد على السطح حيث ان ذلك الربط الخاص ح تبعا لجزئية المتعلق غير قابل للانطباق فى الخارج على الكثيرين وح فعلى هذا البيان صح ان يقال بان تلك النسب والروابط التى هى مفاد الحروف والهيئات بنفسها لا تتصف بالكلية والجزئية بل انما اتصافها بالكلية والجزئية تابع كلية طرفيها او احدهما فمتى كان احد طرفيها كليا قابلا للصدق فى الخارج على الكثيرين فلا جرم تبعا لكلّية تلك الاضافة والربط القائم به ايضا تتصف بالكلية كما كان ذلك هو الشأن ايضا فى التكاليف الكلية الانحلالية كقوله يجب اكرام العالم ويحرم شرب الخمر حيث ان كلية التكليف ح انما هى باعتبار كلية متعلقه فاذا كان متعلقه كليا فلا جرم تبعا لكلية متعلقه يتصف الحكم ايضا بالكلية وينحل حسب تعدد افراد متعلقه فى الخارج الى تكاليف متعددة والّا فالحكم المنشأ فى مثل قوله اكرم العالم ويحرم شرب الخمر لا يكون الّا شخص حكم وشخص ارادة متعلقه بموضوعه وهو الاكرام المضاف الى العالم والشرب المضاف الى الخمر وعلى ذلك ففى المقام امكن استكشاف الحكم السنخى من الهيئة فى الصيغة باجراء الاطلاق فى ناحية المادة المنتسبة بما هى معروضة للهيئة اذ ح من اطلاقها يستكشف الحكم السنخى فاذا انيط الحكم السنخى ح بمثل الشرط او الوصف فى القضية بقوله ان جاء زيد فاكرمه او اكرم زيد العادل فقهرا بانتفاء القيد بعد فرض ظهوره فى الدخل بخصوصيته واقتضاء اطلاق ترتب الجزاء ـ

٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ عليه فى ترتبه عليه بالاستقلال يلزمه انتفاء الحكم السنخى كما هو واضح. ويكون الوجه الاخير هو الاظهر كما تقدم واجاب ايضا المحقق النائينى فى الاجود ج ١ ص ٤٢٠ ان المعلق فى القضية الشرطية ليس هو مفاد الهيئة لانه معنى حرفى وملحوظ آلى بل المعلق فيها هى نتيجة القضية المذكورة فى الجزاء وان شئت عبرت عنها بالمادة المنتسبة كما ذكرنا تفصيل ذلك فى بحث الواجب المشروط وعليه تكون المعلق فى الحقيقة على الشرط المذكور فى القضية الشرطية هو الحكم العارض للمادة كوجوب الصلاة فى قولنا اذا دخل الوقت فصل فينتفى هو بانتفاء شرطه غاية الامر ان المعلق على الشرط ح هو حقيقة الوجوب مثلا من دون توسط مفهوم اسمى فى البين واما فى القسم الاول فالمعلق على الشرط هو مفهوم الوجوب باعتبار فنائه فى حقيقته فلا اشكال. والمادة المنتسبة تقدم عند المحقق العراقى المادة والنسبة الدال عليهما المادة والهيئة وعند المحقق النائينى المادة فقط والنسبة خارجة كالذات واجاب استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٤٢٠ والتحقيق فى الجواب هو ما عرفته سابقا من ان حقيقة انشاء الوجوب عبارة عن اظهار اعتبار كون فعل ما على ذمة المكلف فاذا كان المعتبر بالاعتبار المزبور معلقا على وجود شيء مثلا يستلزم ذلك انتفائه بانتفائه ولا يفرق فى ذلك بين ان يكون الاعتبار مستفادا من الهيئة وان يكون مستفادا من المادة المستعملة فى المفهوم الاسمى باعتبار فنائه فى معنونه. والجواب ان الاعتبار كالارادة شخص وليس كل تعليق مفهوم فكيف يدل على الانتفاء عند الانتفاء ان لم يكن التعليق فى سنخ الحكم فالاشكال يرد على جميع المسالك وتقدم جوابه الصحيح.

٥٥

طى مقالة مستقلة فنقول مقالة (١) فى البحث عن مفهوم الشرط وقد اختلفت كلمتهم فيه فبين مثبت للمفهوم فيها وبين ناف ونسب الى المنكرين ايضا انكار العلية تارة وانكار الاتحاد (٢) اخرى ولكن قد تقدم (٣) منا بانه بعد

______________________________________________________

مفهوم الشرط

(١) نموذج ٢ فى مفهوم الشرط. لا يخفى انه يظهر من كلام المحقق الخراسانى صاحب الكفاية ان طريق ثبوت المفهوم هو ثبوت العلية المنحصرة كما اشرنا اليه فى ما تقدم وانكر العلية المنحصرة وردّ الاطلاق بمقدمات الحكمة فى ذلك والطريق الثانى هو ما افاده المحقق العراقى من ان العبرة فى الحكم المعلق على الشرط هل هو طبيعى الحكم المعبر عنه سنخ الحكم او شخصه وحصة من الحكم فعلى الاول يثبت المفهوم دون الثاني.

(٢) لعل الصحيح ـ الانحصار ـ.

(٣) وعلى كل حال لا بد اولا من بيان مقالة المشهور وعليه صاحب الكفاية ايضا ولو اشارة ثم بيان الطريق الثانى وقد تقدم الاشارة اليه فى ما تقدم وانما الكلام فى تتميم ذلك قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٣٠٢ فلا بد للقائل بالدلالة من اقامة الدليل على الدلالة باحد الوجهين ـ اى الوضع او القرينة العامة ـ على تلك الخصوصية المستتبعة لترتب الجزاء على الشرط نحو ترتب المعلول على علته المنحصرة واما القائل بعدم الدلالة ففى فسحة فان له منع دلالتها على اللزوم ـ الى ان قال ودعوى تبادر اللزوم والترتب بنحو الترتب على العلة المنحصرة مع كثرة استعمالها فى الترتب على نحو الترتب على الغير المنحصرة منها بل فى مطلق اللزوم بعيدة عهدتها على مدعيها فاجاب عنه المحقق الماتن.

٥٦

التسلّم (١) فى مثل هذه القضايا انتفاء شخص الحكم لا يبقى لهم مجال انكار فى الحصر بدخول أداة الشرط (٢)

______________________________________________________

(١) اى الاتفاق على كون الشرط علة منحصرة بالنسبة الى شخص الحكم المعلق عليه وظهوره في ذلك فالنزاع في كون الشرط علة منحصرة او غير منحصرة يكون لغوا.

(٢) وذلك بدخول أداة الشرط المقتضى لربط الحكم بشرطه زائدا على ربطه بموضوعه والعلة المنحصرة كادت القضية ظاهرة فيه قبل ورود أداة الشرط فتدل على الاطلاق ثم انه نقل صاحب الكفاية ج ١ ص ٣٠٤ منها التبادر وقد تقدم قال ـ واما دعوى الدلالة بادعاء انصراف العلاقة اللزومية الى ما هو اكمل افرادها وهو اللزوم بين العلة المنحصرة ومعلولها ففاسدة جدا لعدم كون الاكملية موجبة للانصراف الى الاكمل سيما مع كثرة الاستعمال فى غيره مضافا الى منع كون اللزوم بينهما اكمل مما اذا لم تكن العلة بمنحصرة فان الانحصار لا يوجب ان يكون ذلك الربط الخاص الذى لا بد منه فى تأثير العلة فى معلولها اكد واقوى. الى ان قال قضية الاطلاق بمقدمات الحكمة ـ اى تدل اطلاق العلاقة اللزومية على العلة المنحصرة وتوضيحه قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٣٢١ كما ان الترتب المطلق هو الترتب بنحو العلية فانه الترتب بالطبع وبلا عناية كذلك الترتب المطلق دون مطلق الترتب هو ترتب التالى على مقدمه لا غير كما ان الوجوب المطلق هو الوجوب لا للغير فكما انه كونه للغير امر وجودى ينبغى التنبيه عليه كذلك الترتب على الغير يحتاج الى التنبيه بخلاف الترتب على المقدم لا على الغير فاختصاص الترتب به ليس إلّا عدم ترتبه على ما ينبغى التقييد به لو كان مترتبا عليه انتهى ـ قلت تعينه من بين انحائه بالاطلاق المسوق فى مقام البيان بلا معين ، ضرورة ان كل واحد من انحاء اللزوم والترتب محتاج فى تعينه الى القرينة مثل الآخر بلا تفاوت ـ

٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ اصلا كما لا يخفى ـ ويرد عليه ما تقدم وما ذكره المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٣٢٢ بقوله نعم هنا وجه آخر لاستفادة الانحصار وهو ان مقتضى الترتب العلّى على المقدم بعنوانه ان يكون بعنوانه الخاص بلا علة ولو لم تكن العلة منحصرة لزم استناد التالى الى الجامع بينهما وهو خلاف ظاهر الترتب على المقدم بعنوانه. وذكر صاحب الكفاية ج ١ ص ٣٠٥ ثم انه ربما يتمسك للدلالة على المفهوم باطلاق الشرط ـ اى نفس الشرط ـ بتقريب انه لو لم يكن بمنحصر يلزم تقييده ضرورة انه لو قارنه او سبقه الآخر لما اثر وحده وقضية اطلاقه انه يؤثر كذلك مطلقا وفيه انه لا يكاد تنكر الدلالة على المفهوم مع اطلاقه كذلك الّا انه من المعلوم ندرة تحققه لو لم نقل بعدم اتفاقه ـ اى عدم ثبوت اطلاق فى نفس الشرط ـ الى ان قال واما توهم انه قضية اطلاق الشرط بتقريب ان مقتضاه تعينه ـ اى الفرق بين هذا التقريب وما قبله ان هذا بلحاظ ظهور كلمة ان فى كون الشرط شرطا بذاته للجزاء وان لم يكن مؤثرا فعلا كاطلاق صيغة الامر فى التعين وما قبله بلحاظ ظهورها فى كونه علة تامة مؤثرا فعلا ـ ففيه ان التعين ليس فى الشرط نحو يغاير نحوه فى ما اذا كان متعددا ـ الى ان قال ـ الشرط فانه واحدا كان او متعددا كان نحوه واحدا ودخله فى المشروط بنحو واحد لا تتفاوت الحال فيه ثبوتا كى تتفاوت عند الاطلاق اثباتا وكان الاطلاق مثبتا لنحو لا تكون له عدل لاحتياج ما له العدل الى زيادة مئونة وهو ذكره بمثل او كذا واحتياج ما اذا كان الشرط متعددا الى ذلك انما يكون لبيان التعدد لا لبيان نحو الشرطية فنسبة اطلاق الشرط اليه لا تختلف كان هناك شرط آخر ام لا الى آخر كلامه يعنى ان صفة الشرطية ليست مما تتصف بالتخيير لانها منتزعة من خصوصية ذاتية محضة والذاتيات لا تقبل التخيير لانها لا تتخلف فشرطية الشرط ـ

٥٨

علة كانت او غيره (١) فلا محيص من ان يكون انكاره ممحضا فى تعليق

______________________________________________________

ـ حين يكون واحدا هى شرطيته حين يكون متعددا وكما ان معنى شرطيته حين يكون واحدا انه له خصوصية بها يكون له نحو دخل فى المشروط كذلك يكون معنى شرطيته حين يكون متعددا لانه مع التعدد يكون الدخل تخييريا ومع الاتحاد يكون تعيينيا كى يكون الاطلاق مقتضيا للثانى والجواب عنه ذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٣٢٣ نعم اذا اريد الاطلاق من حيث الوحدة والتعدد بان كان المولى فى مقام بيان كل ما له العلية فاقتصر على خصوص المجيء مثلا كشف عن انحصاره فيها والّا كان ناقضا لغرضه لكنه لا دخل له بالاطلاق من حيث الشرطية كما كان الاطلاق من حيث تعين الوجوب مقتضيا له وبذلك تقريبا اجاب عن صاحب الكفاية المحقق النائينى فى الاجود ج ١ ص ٤١٩ قال هو ان الاطلاق المتمسك به فى المقام ليس هو اطلاق الجزاء واثبات ان ترتبه على الشرط انما هو بنحو ترتب المعلول على علته المنحصرة ليرد عليه ما ذكر بل هو اطلاق الشرط بعدم ذكر عدل له فى القضية وذلك لما عرفت من ان ترتب الجزاء على الشرط وان لم يكن مدلولا للقضية الشرطية وضعا الّا انه يستفاد منها فى متفاهم العرف سياقا وذلك يستلزم تقييد الجزاء بوجود الشرط فى غير القضايا المسوقة لبيان تحقق الحكم بتحقق موضوعه كما تقدم وبما ان التقييد بشيء واحد يغاير التقييد باحد الشيئين على البدل سنخا يلزم على المولى بيان الخصوصية اذا كان فى مقام البيان وبما انه لم يبين العدل مع انه هو المحتاج الى البيان تعين كون الشرط واحدا وكون القيد منحصرا به. والامر كما ذكره وقد عرفت وستعرف ايضا ظهور القضايا فى الانحصار وانما الكلام فى تعليق السنخ وطبيعى الحكم وعدمه.

(١) يقول المحقق الماتن ظهور القضايا في الانحصار سواء كانت علة ام ـ

٥٩

السنخ بعد الفراغ (١) عن ظهور الشرط فى الانحصار ولو من جهة ظهور

______________________________________________________

ـ لا واشار الى ذلك المحقق النائينى فى الاجود ج ١ ص ٤١٧ واماما ربما يتوهم فى هذا المقام من ان مقدمات الحكمة وان افادت انحصار العلة بالمقدم الّا أنها انما تجرى فى خصوص ما اذا كان المقدم علة للتالى دون غيره من الموارد والقضايا الشرطية المتكفلة لبيان الاحكام الشرعية كلها من قبيل الثانى اعنى به ما لا يكون المقدم فيه علة لوجود التالى والوجه فيه هو ما ذكرناه سابقا من ان الشرط فى تلك القضايا لا يكون الّا موضوعا للحكم المعلق عليه فيها ويستحيل ان يكون الحكم المجعول لجاعله معلولا لوجود موضوعه فى الخارج وعلى ذلك بنينا امتناع تعلق الجعل التشريعى بالسببية ولزوم كون المجعول التشريعى هو نفس المسبب عند وجود سببه فاذا لم يكن المقدم علة لوجود التالى لم يبق موضوع لاجراء مقدمات الحكمة لافادة انحصارها فمدفوع بان الحكم المجعول وان لم يكن معلولا لوجود موضوعه الّا انه مترتب عليه نحو ترتب المعلول على علته والقضية الشرطية لا تدل بالدلالة الوضعية الّا على ترتب التالى على المقدم واما كون الترتب بنحو العلية فهو لا يستفاد من القضية الشرطية اصلا بل هو يستفاد من خصوصية بعض الموارد كموارد افادة ترتب بعض الامور التكوينية على بعضها الآخر فى القضايا الشرطية لان الترتب فى تلك الموارد منحصر ترتب المعلول على علته وعليه فاذا كان اطلاق ترتب التالى على المقدم واستناد وجوده الى وجوده كاشفا عن انحصار المرتب عليه دلت القضية الشرطية على المفهوم سواء فى ذلك عن القضايا الشرطية المتكفلة لبيان الاحكام الشرعية وغيرها من القضايا الّا ان الشأن انما هو فى اثبات شاهد الاطلاق فى القضية الشرطية.

(١) فبعد ما كان ظهور أداة الشرط فى الانحصار فينحصر النزاع بانه من تعليق السنخ ام لا.

٦٠